سياسة

الميادين: لماذا استهدفت "إسرائيل" المطارات المدنية السورية؟… وما "بنك الأهداف"؟



يتمادى العدو في عدوانه على سوريا، ويستهدف المطارات المدنية، تحديداً مطاري دمشق وحلب الدوليين. وسُجّل آخر الاعتداءات الإسرائيلية على مطار حلب في الأيام القليلة الفائتة.

حسان الحسن-

وسط صمتٍ عربيٍ مريبٍ، يمعن “جيش” الاحتلال الإسرائيلي في الاعتداء على سوريا، كطرفٍ أساسيٍ في قوى العدوان المتحالفة والشريكة في الحرب الكونية على البلاد السورية، منذ منتصف آذار/مارس من العام 2011، وما قبل.

 

ولم يقتصر الدور الإسرائيلي فيها على قصف مواقع عسكريةٍ، ومراكز للبحوث العلمية، بل تعدى ذلك، ليستهدف الطاقات الفكرية فيها، كاغتيال العالم السوري عزيز إسبر، في ناحية مصياف، في ريف حماه، في آب/ أغسطس 2018.

 

كذلك إقدام الاحتلال على تقديم كل أنواع الدعم العسكري اللوجستي للمجموعات التكفيرية المسلحة، التي كانت تستهدف الاستقرار السوري، انطلاقاً من المناطق الحدودية المشتركة بين سوريا وفلسطين المحتلة، وتدخلت المروحيات الإسرائيلية مراتٍ عدةٍ لمؤازرة المسلحين، كما حدث في الديرخبية، في ريف دمشق الغربي، في أيار/مايو 2016.

 

وفتحت مستشفيات العدو في فلسطين المحتلة، لإسعاف المسلحين التكفيريين الجرحى، الذين تفقدهم ذات يومٍ رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه، بنيامين نتنياهو.

 

وهكذا دواليك، يتمادى العدو في عدوانه على سوريا، ويستهدف المطارات المدنية، تحديداً مطاري دمشق وحلب الدوليين. وسُجّل آخر الاعتداءات الإسرائيلية على مطار حلب في الأيام القليلة الفائتة، وقبلها سُجّل اعتداء آخر على المطارين المذكورين آنفاً معاً. ولم تحرك جامعة الدول العربية ساكناً.

 

ويأتي هذا العدوان بالتزامن مع بروز متغيراتٍ جديدةٍ في المنطقة، إن على مستوى العلاقات بين دولها، كبداية “الانفتاح والتعاون التقني” بين دمشق وأنقرة، بضغوطٍ روسيةٍ-إيرانيةٍ مشتركةٍ، وإن على مستوى تطور العلاقات الخارجية للدول المذكورة بالدول الكبرى، كتعزيز العلاقات الروسية-التركية-الإيرانية، بالتزامن مع تصاعد التوترات بين تركيا واليونان. كذلك استئناف جولات المحادثات بين الدول الست الكبرى وإيران، الرامية إلى تفعيل الملف النووي الإيراني، رغم تعثرها.

 

فهل يكون الهدف الفعلي لهذه الاعتداءات هو الضغط على محور المقاومة وإيران، وسط تخوفٍ إسرائيليٍ من إمكانية إعادة تفعيل الاتفاق النووي الإيراني، ولو بنسبةٍ ضئيلةٍ؟

 

قد يسعى الإسرائيلي من خلال اعتداءاته إلى محاولة إقحام ملف “النفوذ الإيراني” في المنطقة، خصوصاً في دول الطوق العربية لفلسطين، وفي مقدمها سوريا، في هذه المفاوضات، للحد من هذا النفوذ، وفقاً للمصطلحات والادعاءات الأميركية-الإسرائيلية.

 

إلا أن طهران جزمت موقفها في هذا الشأن، مؤكدةً مراراً وتكراراً أن “محادثات فيينا النووية”، مخصصة للبحث في إعادة تفعيل الملف النووي لا غير. بالتالي، فإن فرضية محاولة الكيان الإسرائيلي طرح مسألة “النفوذ الإيراني” في المنطقة على طاولة النووي، تبقى مستبعدةً.

 

ونظراً إلى ترابط الملفات العالقة في هذه المنطقة، وفي ضوء فشل الولايات المتحدة الأميركية في إيصال حكم موالٍ لها بالكامل في العراق، يعمل على الحد من “النفوذ الإيراني” في أرض الرافدين، ويحارب الحشد الشعبي الذي حرر العراق من تنظيم “داعش” الإرهابي، استمر “الوضع التسووي” على ما هو عليه في العراق.

 

ويضاف إلى هذا الفشل، فشل واشنطن في تأليف حكومةٍ لبنانيةٍ، تنزع الشرعية عن سلاح المقاومة في لبنان. لذا، قد تلجأ الولايات المتحدة و”إسرائيل” إلى تشديد الحصار الجوي على سوريا، أساس محور المقاومة، بالإضافة إلى الحصارين البري والبحري، وذلك في محاولة لتقوية الأوراق الأميركية في المنطقة، وبالتالي تعزيز حضور واشنطن في أي مفاوضاتٍ أو تسويةٍ سياسيةٍ لإنهاء الصراع في هذه المنطقة، وخروج واشنطن منها بما يحفظ ماء وجهها. هذه أيضاً فرضية محتملة بنسبةٍ ضئيلةٍ؛ كون الاستهداف الإسرائيلي للمطارات المدنية السورية، لم يطاول الملاحة الجوية برمتها، بل استهدف طائراتٍ محددة، وفي توقيتٍ محددٍ.

 

وعن احتمال استهداف معداتٍ إيرانيةٍ منقولةٍ إلى حزب الله في لبنان عبر المطارات السورية، هنا يطرح السؤال: هل المقاومة في لبنان التي هي اليوم في أعلى جاهزيتها، إثر تهديدها العدو الإسرائيلي، بضرب منصاته الغازية، في حال استخراج الغاز من البحر المتوسط، قبل ترسيم الحدود مع لبنان، هي بحاجةٍ أي (المقاومة) إلى معداتٍ إيرانيةٍ؟ وهل وصل سلاح الردع الاستراتيجي وسواه إلى المقاومة الفلسطينية التي تهدد به “إسرائيل”، عبر إيران مباشرة؟ بالتالي، فإن فرضية استهداف معدات إيرانية مخصصة للمقاومة اللبنانية، تبقى أيضاً فرضيةً ضعيفةً.

 

بناءً على ما تقدم، وعلى اعتبار أن الاعتداءات الإسرائيلية على المطارات المدنية السورية، طاولت طائراتٍ محددة في توقيتٍ محددٍ، ما يؤشر إلى أن “جيش” الاحتلال الإسرائيلي كان يرصد طائراتٍ محددة، هي من ضمن “بنك أهدافه”، ثم يقوم بقصفها، وفقاً لمعلومات استخبارية لديه (نقل سلاح أو معدات دقيقة أو خبراء إلى سوريا)، بصرف النظر عن مدى دقة هذه المعلومات. ولدى العدو أيضاً متسع من الوقت للمراقبة والتحرك، بسبب إغلاق المجال الجوي التركي أمام عبور الطائرات الذاهبة إلى سوريا في الوقت الراهن. وعليه، تستغرق الرحلات الجوية إلى سوريا، وقتاً إضافياً، عما كانت عليه قبل العدوان عليها في العام 2011. بالتالي، فإن هذه الفرضية، تبقى الأكثر احتمالًا.

 

وعن عدم رد دمشق ومحور المقاومة على الاعتداءات الصهيونية المذكورة آنفاً، فمعلوم أن الرد يتطلب قراراً سياسياً، لا عسكرياً تقنياً، بالتالي ليس بوسع أي مكونٍ من مكونات محور المقاومة وحليفه الروسي، اتخاذ قرار الرد على تلك الاعتداءات منفرداً، بل يتطلب هذا القرار إجماعاً، كونهم منضوين في حلف استراتيجي واحدٍ، وهذا الإجماع غير متوافر راهناً، خصوصاً وسط تمسك القوات الروسية المنتشرة في سوريا، بقرار عدم الرد على الاعتداءات الإسرائيلية.

ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى